قامت اليونيسكو يوم 3 يونيو 2021 بتنظيم جلسات عبر الإنترنت مع الفائزين “بجوائز اليونيسكو الدولية لمحو الأمية” من السنوات السابقة لمناقشة موضوع اليوم الدولي لمحو الأمية لهذا العام وهو:” الحق في تعلم القراءة والكتابة خلال أزمة كوفيد-19: مساهمات التعلم عن بعد والتعلم الرقمي”، حيث دُعي ممثلو البرنامج إلى هذا الاجتماع بسبب نشاطاتهم المتنوعة في مجال تعلم القراءة والكتابة وتواجدهم في دول مختلفة حول العالم، مما ساعد على إضافة معلومات مهمة إلى هذا النقاش المثمر حول الطرق المختلفة التي تعاملت بها برامج تعلم القراءة والكتابة مع التعلم عن بعد والتعلم الرقمي خلال جائحة كوفيد-19.
شمل الاجتماع ثمانية من الفائزين الذين شاركوا تجاربهم في التعلم عن بعد ومحو الأمية الرقمي للبحث في مختلف أنواع وسائل التعلم عن بعد التي تم اعتمادها في العديد من البلدان والمجتمعات والسياقات الأخرى، حيث تناقش الفائزون عن التحديات التي يواجهونها بسبب انتقال تعلم القراءة والكتابة إلى التعلم عن بعد، بالإضافة إلى مشاركة خبراتهم المكتسبة من استجابات الطوارئ التي تعاملوا معها والتي يمكن أن تعزز برامجهم في المستقبل.
ومن بين الفائزين المشاركين: برنامج إيجينغ نيبال (Aging Nepal) ومدارس العالم المتحد (المملكة المتحدة)، وكلاهما حازا على جوائز الملك سيجونغ لمحو الأمية في اليونيسكو عام 2020، ومنظمة باسابالي من إندونيسيا التي حازت على جائزة اليونيسكو كونفوشيوس لمحو الأمية في عام 2019، ودائرة السجون النيجيرية حازت على جائزة كونفوشيوس في عام 2018، ومركز دراسة التعلم والأداء في جامعة كونكورديا (كندا) الفائز بجائزة اليونيسكو الملك سيجونغ لمحو الأمية في عام 2017، ومؤسسة المواطنين -وهو برنامج باكستاني المنشأ- وبرنامج فوندزا من جنوب أفريقيا كلاهما فازا بجائزة اليونيسكو كونفوشيوس لمحو الأمية في عام 2017، وأخيرًا برنامج نحن نحب القراءة من الأردن الحائز على جائزة الملك سيجونغ لمحو الأمية لليونيسكو في عام 2017.
بعض الأفكار والاقتراحات حول الانتقال إلى تعلم القراءة والكتابة عن بعد خلال وباء كورونا
اعترافًا بأهمية التفاعل البشري استخدمت معظم برامج محو الأمية أنماط متنوعة للتعلم عن بعد تجمع بين التعليم وجهًا لوجه والتعليم عن بعد بأساليب مختلفة تدعمها وسائل ذات تقنية عالية أو منخفضة ووسائل أخرى غير تقنية، بالإضافة إلى استخدام الأدوات الرقمية لتعليم القراءة والكتابة وتدريب المعلمين، فضلًا عن إنشاء مجتمع افتراضي لدعم التفاعل بين الأقران ليكون التواصل بينهم ممكنًا وسهلًا، كما تم توفير أساليب أخرى للتعلم عن بعد، كاستعمال وسائل منخفضة التقنية أو بسيطة مثل الإذاعة والتلفاز وتوزيع النشرات المطبوعة لضمان استمرارية تعلم القراءة والكتابة أثناء الوباء، وغالبًا ما يقترن ذلك بالتعلم وجها لوجه في مجموعات صغيرة على سبيل المثال.
وقد أدى التعلم عن بعد إلى طرح مجموعة من التحديات الجديدة التي تضمنت الفجوة الرقمية من حيث البنية التحتية، وتكلفة الأدوات الرقمية، والمهارات الرقمية للمعلمين والمتعلمين، لذا لا يزال يتعين علينا فهم التأثير الحقيقي على نتائج الانتقال إلى التعلم الرقمي بشكل أوضح.
كما أشار العديد من الممثلين للحاجة إلى توفير بنية تحتية مناسبة لتنفيذ التعلم عن بعد والاستعانة بالوسائل ذات التقنية العالية بما في ذلك الوسائل ذات التقنية المنخفضة والأساليب غير التقنية.
وقد صرحت السيدة آن واد، المديرة الدولية لمركز دراسة التعلم والأداء، قائلة: “فيما يتعلق بالبنية التحتية فإن أحد الشواغل المتعلقة بهذا التحول في استخدام التعلم أو التعليم عن بعد هو أن الحكومات ستحتاج لتخصيص الكثير من المال لتجهيز المعدات الأساسية في المدارس، لكن الأمر المقلق هو أن الحكومات ستعالج أيضًا التطوير المهني للمعلم الذي يتماشى مع ذلك، بما في ذلك تطوير طرق الحفاظ على هذا العمل وتوفير الدعم الإضافي للمعدات وأخيرًا طرق استبدال تلك التكنولوجيا على المدى الطويل.”
لكن بالرغم من ذلك عملت غالبية البرامج مع المتعلمين الذين لا يستطيعون الوصول إلى التعلم الرقمي ولا إلى الكهرباء، وقال الرئيس التنفيذي لـ “مدارس العالم المتحد” تيم هوارث: “إن السياق الذي نعمل فيه غالبًا ما يتضمن القرى النائية جدًا التي تكون خالية من الكهرباء أو تكون خارج نطاق شبكة الاتصالات، لذا كان علينا التأكد من أن البرامج التعليمية كانت متاحة وملائمة للمجتمعات المحلية”.
وأكدت السيدة رنا الدجاني، مؤسسة ومديرة برنامج “نحن نحب القراءة”، أن البرنامج قد واجه العديد من التحديات بما في ذلك تكلفة التعلم عن بعد، وتوزيع المواد التعليمية، وعدم كفاية مستوى مهارات الآباء في تعليم الأطفال، والحاجة إلى تكييف المحتوى مع المتعلمين من حيث اللغة والثقافة ومشاركة المتعلمين.
وشددت منظمة إيجينغ نيبال على أن كبار السن بحاجة إلى اكتساب المهارات الأساسية لمحو الأمية كشرط مسبق للوصول إلى التكنولوجيا الرقمية واستخدامها.
كما قام كلًا من برنامج نحن نحب القراءة، ومدارس العالم المتحد، ومؤسسة المواطنين وبرنامج فوندزا بتسليط الضوء على ضرورة أن يكون نهج تعلم القراءة والكتابة متكامل وشامل، بالإضافة إلى إبراز مسائل تعدد اللغات، والتعلم الاجتماعي والعاطفي، والصحة العقلية، والمساواة بين الجنسين، والتفاوت الاقتصادي بوصفها عناصر هامة ينبغي إدراجها في التعلم عن بعد لهدف محو الأمية.
وسلط عدة مشاركين الضوء أيضًا على الفرص التي أتاحها الانتقال القسري للجوء إلى التعلم عن بعد، حيث قام المراقب المالي لتصحيح خدمة السجون النيجيرية السيد فرانك إينابور بطرح حالة التعلم في السجون موضحًا الآثار الجانبية الإيجابية كالتالي:
“الشيء المميز في استعمال منصات التعلم الإلكتروني وبرامج التعلم عن بعد هو أن السجناء لديهم الآن برامج تساعدهم على الصمود خلال المدة التي يقضونها في الحجز، فعندما كنا نقيم برامج تعليمية شخصية في السابق، لم يكن السجين قادرًا على إكمال عملية التعلم على البرنامج عند إنهاءه مدة حكمه في السجن، ولكن الآن عندما يغادر السجناء السجن فإنهم يستطيعون مواصلة التعلم باستخدام هذه البرامج، لذا نحن فخورون بأننا بعد توفير منصتنا الإلكترونية ما زلنا قادرين على الوصول إلى معظم المدانين الذين غادروا السجن وأنهم يحرزون تقدمًا كبيرًا.”
منذ عام 1967 كانت جوائز اليونيسكو الدولية لمحو الأمية تكافئ الأفكار المتميزة والمبتكرة في مجال محو الأمية، فأكثر من 500 مشروع وبرنامج نفذتها الحكومات والمنظمات غير الحكومية والأفراد في جميع أنحاء العالم قد تم منحها هذه الجوائز المرموقة التي تسعى اليونسكو من خلالها إلى دعم الممارسات الفعالة لمحو الأمية، وتشجع على تعزيز المجتمعات المتميزة التي تعلم القراءة والكتابة.