رنا الدجاني هي عالمة خبيرة في علم الوراثة حاصلة على شهادة دكتوراة أردنية في البيولوجيا الجزيئية، وهي رائدة أعمال اجتماعية معترف بها عالميًا، وتعتبر الدجاني واحدة من أكثر الباحثين تأثيرًا في العالم الإسلامي، ففي عام 2015 احتلت المرتبة 12 من بين 100 امرأة من أكثر النساء العربيات تأثيرًا، وفي نفس العام أُدخلت إلى قاعة المشاهير لكونها من أكثر النساء شهرة في المجال العلمي في العالم وذلك لمساهمتها العظيمة في هذا المجال.
قائمة الشهادات والجوائز والمنح لا حصر لها، لكن رنا الدجاني تمضي وقتها بين العلوم والمختبرات والصفوف الدراسية مع طلاب الجامعات وإحياء القراءة بين آلاف الأطفال حول العالم، وذلك بمساعدة منظمة “نحن نحب القراءة” فهي منظمة غير ربحية تشجع أطفال العالم على القراءة، وتوحد العائلات من خلال الرسائل والرسوم التوضيحية الموجودة في القصص، كما أنها منظمة تُنشئ قادة اجتماعيين قادرين على حل مشكلات مجتمعاتهم بفضل الكتب والقراءة.
التشجيع على القراءة في الأردن، مصدر الصورة: نحن نحب القراءة.
تعرف الدكتورة رنا بصفتها عالمة أهمية الملاحظة وقد أسست حياتها على إيجاد الحلول من خلال البحث، فهي رائدة عالمية في البحث عن أدلة وهذا بالضبط ما دفعها إلى إدراك أن العديد من الأطفال في الشرق الأوسط لا يقرؤون بهدف المتعة والاستفادة من القراءة بل يميلون إلى ربطها بالواجبات المدرسية، فعندما عادت رنا إلى بلدها الأردن بعد خمس سنوات من الدراسة في الخارج رأت الحقيقة المحزنة، فدولتها لم تكن تملك سوى القليل من المكتبات، والأطفال لا يقرؤون إلا في المدارس فكان لديها الكثير لتساهم به، حيث بدأت بالعمل في مكتبة عامة لسنوات وزرعت الرغبة في الأطفال للقراءة الترفيهية، فهي تعلم الدور الأساسي التي تلعبه القراءة في غرس حب التعلم وخلق مستقبل أكثر إشراقًا للأطفال ولمجتمعاتهم، لذلك شرعت في إيجاد طريقة جديدة ليستمتع الأطفال بالقراءة.
ومن خلال البحث أدركت الدكتورة الدجاني أن القراءة المشتركة لها تأثير مختلف، وأن القراءة بصوت عالٍ للأطفال لها تأثير أكبر مما نتخيل، والقراءة مع العائلة هي الأساس بالنسبة لهم لإيجاد المفتاح السحري الذي يفتح صندوق المعرفة والمتعة، وهذا ما فعلته أخيرًا خلال حياتها كباحثة، ثم حان الوقت لتضع نظريتها موضع التنفيذ وتشجع الأطفال على القراءة، ومن هنا بدأ برنامج “نحن نحب القراءة”.
إن نموذج برنامج إحياء القراءة بسيط، حيث يقوم البرنامج الذي أنشأتا الدكتورة رنا بتدريب المتطوعين البالغين على القراءة بصوت عالٍ للأطفال في مجتمعهم وبطريقة جذابة، فالقراءة الفردية التي نمارسها عادة تختلف عن القراءة المشتركة التي تكون بين مجموعة من الأشخاص يستشعرون القصة سويًا وهم يستمعون للقارئ الذي يجعل اللحظة ممتعة ولا تُنسى.
التشجيع على القراءة في الأردن، مصدر الصورة: نحن نحب القراءة.
يختار البالغون الذين يرغبون بالانضمام إلى البرنامج الكتب المكتوبة باللغة الأم للأطفال ويقرؤونها لهم بصوت عالٍ وبانتظام في الأماكن العامة، وبهذه الفكرة البسيطة ولكن القوية انتشر برنامج “نحن نحب القراءة” في 55 دولة حول العالم، وعندما بدأت عملية تطبيق البرنامج شعرت الدكتورة رنا بأهمية قياس مدى تأثير القراءة بصوت عالٍ، لذلك دعت باحثين آخرين لدراسة ما يولده برنامج نحن نحب القراءة للأطفال.
وقد وضحت الدكتورة الدجاني قائلة: “لقد أثبت هذا النموذج البسيط تأثيره الكبير، فقد أصبح الأطفال يستمتعون بالقراءة ويطلبون من آبائهم أن يقرؤوا لهم، وبهذا بدأوا يصبحون صناع تغيير في منازلهم.”، بالإضافة إلى ذلك وجد الباحثون تحسن في القدرات المعرفية للأطفال ومستويات التعاطف وقوة في ذكائهم العاطفي وزيادة في السلوكيات الاجتماعية الإيجابية كالاهتمام بالبيئة.
كما أن المتطوعين الذين شاركوا في عملية إحياء القراءة أصبحوا أشخاصًا يتسمون بالتمكين والاحترام ورواد أعمال اجتماعيين قادرين على إيجاد حلول للمشاكل المحيطة بهم، بالإضافة إلى ذلك أصبح المجتمع أكثر تماسكًا وبدأ بالاستثمار في مشاريع مماثلة أحدثت تأثيرًا كبيرًا أيضًا، وكل ذلك الفضل يعود إلى بناء النسيج الاجتماعي الذي حفز نموذج “نحن نحب القراءة”.
ووفقًا للدكتورة الدجاني فهناك ثلاث عوامل أساسية لجعل لحظات القراءة المشتركة لحظات مختلفة وممتعة، وكما ذكرت في مقابلة لها في جامعة هارفرد قائلة: “ابدأ بمفردك واقرأ أكثر لتصبح نموذجًا يحتذى به لمن حولك.”، وأضافت: “اقرأ للأطفال في مكان عملك أو مجتمعك أو عائلتك لمدة 15 دقيقة في اليوم، وابدأ بتحديد المشاكل والتحديات الموجودة في مجتمعك وأسباب إهمال الأطفال للقراءة، ثم أوجد الحل حتى ولو كان صغيرًا وابدأ بتنفيذه وامضِ قدمًا.”، وقد تبع ذلك عبارة أكثر أهمية بالنسبة للعالمة الأردنية، حيث وضحت قائلة: “العديد من الأطفال حول العالم لا يقرؤون لأن آبائهم لا يقرؤون لهم، لذلك من خلال “نحن نحب القراءة” نتمنى أن نستطيع تعليم وتثقيف جيل من مبتكري التغيير.”، فالقراءة هي الأساس لتغيير العالم.